نتناول الحديث في هذا المقال عن إعداد الأبحاث والأوراق العلمية؛ إذ إنها تتطلب مزيدًا من الاهتمام والإعدادات الخاصة بها، ويكون ذلك من خلال خطوات مرتبة ومنظمة، تسير وُفق خطة علمية مسبقة، تشمل جميع نواحي الموضوع، وتتسم بالدقة والوضوح، ويشمل مقالنا هذا نقاط عدة على رأسها: الخطوات الأساسية لإعداد البحث العلمي، وأساليب البحث العلمي، المراجعة النهائية والتحكيم، وأخلاقيات البحث العلمي، وغيرها.
الخطوات الأساسية لإعداد البحث العلمي
يتضمن إعداد البحث العلمي عدة خطوات أساسية تشمل ما يأتي:
أولًا: تحديد الموضوع والمشكلة البحثية
في هذه الخطوة يتم تحديد الموضوع الذي سيتم البحث فيه والتركيز عليه، كما يتم تحديد المشكلة البحثية التي تعتبر نقطة البداية للبحث العلمي، ويجب أن تكون المشكلة البحثية واضحة ومحددة بشكل جيد؛ لتوجيه البحث نحو الهدف المنشود، ولتحديد المتغيرات المرتبطة بالموضوع.
ثانيًا: تحديد الأهداف والفروض
بعد تحديد الموضوع والمشكلة البحثية يتبع ذلك تحديد الأهداف والفروض التي ستوجّه البحث، ويساعد تحديد الأهداف في تحديد النتائج المتوقعة من البحث، بينما يساعد تحديد الفروض في توضيح الافتراضات التي يتم الاعتماد عليها في البحث.
ثالثًا: استعراض الأدبيات والدراسات السابقة
بعد تحديد الأهداف والفروض يجب إجراء استعراض شامل للأدبيات والدراسات السابقة المتعلقة بالموضوع؛ لتحليل المساهمات السابقة والكشف عن النقاط القوية والضعف في الأبحاث السابقة، وتحديد الفجوات في المعرفة التي يمكن للبحث الحالي أن يعالجها.
رابعًا: تصميم الدراسة ووضع الخطة الزمنية
في هذه الخطوة يتم تحديد نوع وتصميم الدراسة العلمية التي ستجرى، إضافةً إلى وضع الخطة الزمنية التي تحدد المراحل الزمنية لإنجاز البحث، وجدول الأعمال المتوقع.
خامسًا: جمع البيانات وتحليلها
يشمل هذا الجزء من البحث جمع البيانات بوسائل علمية وموثقة، وتحليلها بدقة ومنهجية استنادًا إلى الأساليب الإحصائية والتحليلية المناسبة.
سادسًا: كتابة التقرير النهائي
بعد جمع البيانات وتحليلها يتم كتابة التقرير النهائي الذي يوثّق نتائج البحث، وتحليلها، ويعرض الاستنتاجات المستندة إلى البيانات المحصلة والتوصيات الناتجة عنها.
أساليب البحث العلمي
يتضمن البحث العلمي مجموعةً من الأساليب المستخدمة في إجراء البحوث العلمية، حيث تهدف إلى جمع وتحليل البيانات بطرق منهجية ودقيقة، وتشمل هذه الأساليب ما يأتي:
أولًا: البحث الكمي
يتميز البحث الكمي بتركيزه على جمع وتحليل البيانات القابلة للقياس بواسطة إجراءات منهجية وإحصائية، ويقوم الباحث في هذا النوع من البحث بتوظيف أدوات مثل: الاستبيانات والاختبارات، كما يقوم بتحليل البيانات باستخدام الإحصاء والرياضيات؛ لاستخلاص النتائج والاستنتاجات العلمية.
ثانيًا: البحث النوعي
يعتمد البحث النوعي على فهم الظواهر والسلوكيات من خلال استقصاء مفصل ومتفصل، ويهدف إلى فهم الأسباب والمعاني وراء هذه الظواهر، كما يقوم الباحث في هذا البحث بجمع البيانات بواسطة المقابلات الشخصية، ومراقبة المشاركين، والملاحظة المباشرة، مما يسمح بفهم أعمق للموضوع بشكل سردي.
ثالثًا: البحث المختلط
يعد البحث المختلط منهجًا شاملًا يدمج بين البحث الكمي والنوعي، حيث يهدف إلى فهم شامل للظواهر، فمن خلال دمج الجوانب الكمية مع الجوانب النوعية، يمكن الحصول على رؤى شاملة ومتوازنة تفيد في تفسير الظواهر العلمية، واتخاذ القرارات المستنيرة.
المراجعة النهائية والتحكيم
إن عملية إجراء المراجعة النهائية للأبحاث والأوراق العلمية يجب أن تكون بدقة وتأنٍ، حيث يتم التحقق من صحة المعلومات المذكورة، ومدى توافقها مع المصادر المرجعية، كما يتضمن أيضًا عملية التحكيم التي تتم عن طريق خبراء ومختصين في المجال؛ لضمان جودة ومصداقية البحث العلمي، كما يتم التأكد من توفر الأدلة والبيانات التي تدعم الاستنتاجات والنتائج التي تم التوصل إليها؛ مما يسهم في رفع مستوى الدقة والمصداقية للبحث.
تقديم البحث للنشر
يعد تقديم البحث للنشر خطوة مهمة جدًا في عملية البحث العلمي، حيث يتعين على الباحث أن يختار النشر في المجلة العلمية المناسبة وفقًا لمجال الدراسة وطبيعة البحث، كما يجب على الباحث أيضا أن يلتزم بتوجيهات ومعايير النشر المعتمدة في المجلة المستهدفة، والتأكد من مطابقة البحث لهذه المعايير، ومن الضروري أيضًا أن يتم التأكد من اكتمال جميع المعلومات المطلوبة من قبل المجلة، مثل: ملف البحث والملخص والكلمات المفتاحية والمراجع بشكل صحيح وفقًا للتنسيق المطلوب.
أخلاقيات البحث
تعد أخلاقيات البحث جزءًا مهمًا من عملية إعداد الأبحاث العلمية، حيث تهدف إلى ضمان احترام الحقوق والسلامة والكرامة الإنسانية لجميع المشاركين في الدراسة؛ ولذا لا بد للباحثين من اتباع الآتي:
- الالتزام بمبادئ أخلاقية كالنزاهة والشفافية وحماية خصوصية المشاركين ومعالجة أي تضارب مصالح محتمل.
- اتباع كود السلوك الأخلاقي المعترف به دوليًا والمتعلق بحقوق الإنسان والحيوان وسلامة البيئة.
- على الباحث أن يحصل على موافقة من لجنة الأخلاقيات البحثية قبل بدء الدراسة، وأن يلتزم بالتقارير المطلوبة والتحديثات المتعلقة بالأخلاقيات خلال مراحل البحث وتنفيذه.
أدوات وتقنيات البحث
تعد الأدوات والتقنيات المستخدمة في البحث العلمي جزءًا أساسيًا من عملية البحث، حيث تساعد في جمع البيانات وتحليلها بشكل فعال، كما تتضمن هذه الأدوات والتقنيات عديدًا من الوسائل هي:
أولًا: البرامج الإحصائية
تؤدي البرامج الإحصائية دورًا حيويًا في تحليل البيانات الكمية واستخلاص النتائج الاحصائية، كما توفر هذه البرامج وسائلًا لتلخيص البيانات، وحساب المتوسطات والانحراف المعياري وتوليف الرسوم البيانية؛ لتمثيل البيانات بصورة بصرية، كما تقدم هذه البرامج إمكانية إجراء الاختبارات الإحصائية المختلفة التي تدعم صحة النتائج وتأكيدها.
ثانيًا: برمجيات التحليل النصي
تعد برمجيات التحليل النصي أدوات قوية لفهم وتحليل المحتوى النصي المجمع من الدراسات والمقابلات والمقالات، كما تستخدم هذه البرمجيات؛ لاكتشاف الأنماط والاتجاهات في البيانات الكتابية وتحليل المظاهر اللغوية والدلالية للنصوص، كما تدعم برمجيات التحليل النصي في تصنيف وترتيب البيانات الكتابية، وتوليف التقارير النصية الشاملة.
التحليل النوعي والكمي
يعد التحليل النوعي والكمي من أهم الأدوات المستخدمة في الأبحاث العلمية؛ حيث يهدف التحليل النوعي إلى فهم الظواهر والسلوكيات والمواقف من خلال تحليل النصوص، أو المقابلات بشكل تفصيلي واستكشافي، بينما يهدف التحليل الكمي إلى قياس العلاقات بين المتغيرات وتحديد النماذج الإحصائية التي تدعم النتائج، كما يتضمن التحليل النوعي استخدام تقنيات مثل: تحليل المحتوى والتحليل الدلالي، بينما يتضمن التحليل الكمي استخدام تقنيات الإحصاء والرياضيات، وبجانب الاستخدام المنفصل لكل منهما، يمكن أيضًا دمج التحليل النوعي والكمي معًا في البحث؛ لتوفير رؤى شاملة ومتكاملة.
التوثيق وإدراج الاقتباسات
يتضمن توثيق المصادر المستخدمة في البحث استخدام أساليب محددة؛ لإدراج الاقتباسات والمراجع في النص وفقًا لتنسيق معين، مع إيلاء اهتمام خاص؛ لضمان عدم ارتكاب الانتهاكات الأخلاقية المتعلقة بالسرقة الفكرية، ويتم التركيز أيضًا على أهمية توثيق البيانات والمعلومات المستخدمة في الدراسة، وتقديم الإثباتات الكافية؛ لدعم الحجج المقدمة.
الإشارات وأساليب الاقتباس
تعد الإشارات وأساليب الاقتباس من الخطوات المهمة في إعداد الأبحاث العلمية، حيث يُستخدم الاقتباس في دعم وتوثيق المعلومات المقدمة في البحث، كما يجب أن تتم تلك العملية بدقة واحترافية عالية، فعلى الباحث أن يقوم بتحديد مصادره المستخدمة بوضوح، وأن يدين بما أخذ من مواد أخرى بالشكل المناسب، ومن الضروري أيضًا استخدام الإشارات المناسبة في النص وفقًا للأساليب المعتمدة في المجال العلمي المحدد، ولا بد من مراجعة الأساليب المعتمدة في الاقتباس والإشارة في الأبحاث العلمية، وضمان توافقها مع المعايير والقواعد الدولية المعترف بها.
اترك تعليقاً