books

ما هو الفرق بين البحث الكمي والنوعي؟

22 أكتوبر 2024
عدد المشاهدات (2 مشاهدة)
ما هو الفرق بين البحث الكمي والنوعي؟

 

في عالم البحث العلمي، يتعين على الباحثين اختيار النهج الأنسب لدراسة الظواهر وتحليل البيانات. من بين أكثر الأساليب شيوعاً يبرز البحث الكمي والنوعي، وكلاهما يقدمان أدوات مختلفة لاستكشاف المشكلات وفهمها. البحث الكمي يعتمد على الأرقام والإحصاءات لتحليل البيانات واستخلاص النتائج، ما يجعله مثالياً لتحديد الأنماط والعلاقات القابلة للقياس. أما البحث النوعي، فهو يسعى لفهم العوامل النفسية والاجتماعية العميقة وراء الظواهر من خلال تحليل البيانات غير العددية مثل المقابلات والملاحظات. يتناول هذا المقال الفرق بين هذين المنهجين، ويستعرض مميزاتهما، استخداماتهما، وكيفية اختيار الأنسب حسب طبيعة الدراسة.

 

الفرق بين البحث الكمي والنوعي:

في مجال البحث العلمي، يُعد فهم الفرق بين البحث الكمي والنوعي أمراً ضرورياً للباحثين، حيث يختلف كل منهج في طرقه وأهدافه والمنهجية المستخدمة:

1-تعريف البحث الكمي:

البحث الكمي هو نوع من الأبحاث الذي يعتمد على استخدام البيانات العددية لقياس الظواهر وتحديد الأنماط العامة. الهدف الرئيسي من هذا النوع من الأبحاث هو الوصول إلى نتائج قابلة للقياس والتعميم على مجموعات أكبر من الأفراد أو الظواهر. يعتمد البحث الكمي على أدوات مثل الاستبيانات، التجارب، والاختبارات الإحصائية لجمع البيانات وتحليلها.

2-تعريف البحث النوعي:

البحث النوعي، على العكس من البحث الكمي، لا يعتمد على الأرقام والإحصائيات بقدر ما يعتمد على تحليل النصوص والسياقات الاجتماعية والثقافية. يسعى الباحثون في الأبحاث النوعية إلى فهم التجارب البشرية من خلال جمع بيانات وصفية وتحليلها بطريقة تفسيرية. يتم جمع البيانات في البحث النوعي غالبًا عبر المقابلات المتعمقة، الملاحظات، أو دراسة الحالات الفردية.

3-المنهجية المستخدمة

في البحث الكمي، تُستخدم منهجيات مثل استطلاعات الرأي، التجارب المخبرية، والاستبيانات لجمع بيانات عددية يمكن تحليلها باستخدام تقنيات إحصائية. أما في البحث النوعي، فتُستخدم أدوات مثل المقابلات المفتوحة، تحليل الوثائق، والملاحظات المباشرة لاستخراج معلومات وصفية تُحلل بشكل سردي أو موضوعي.

 

طبيعة البيانات في البحث الكمي والنوعي:

تلعب طبيعة البيانات دوراً محورياً في تحديد منهجية البحث وتحليل النتائج. تختلف أنواع البيانات المستخدمة في الدراسات باختلاف طبيعة الظاهرة محل البحث:

1-طبيعة البيانات الكمية:

البيانات التي يتم جمعها في الأبحاث الكمية تكون عادة بيانات كمية، أي بيانات رقمية تعبر عن مقادير وأحجام. هذه البيانات يمكن تحليلها باستخدام تقنيات إحصائية، مثل المتوسطات والانحرافات المعيارية، لتقديم استنتاجات حول الظاهرة المدروسة. على سبيل المثال، يمكن استخدام البحث الكمي لتحليل نسبة النجاح في اختبارات معينة أو معدل انتشار مرض معين في مجتمع محدد.

2-طبيعة البيانات النوعية:

البيانات في الأبحاث النوعية تكون وصفية أو كيفية بطبيعتها. يتم جمع هذه البيانات عبر مقابلات معمقة أو ملاحظات ميدانية، وتقدم لنا فهماً أكثر عمقًا لتجارب الأفراد ومواقفهم. يتم تحليل هذه البيانات باستخدام أساليب تحليل النصوص أو الموضوعات، والتي تهدف إلى فهم السياق والمعاني التي يضعها الأشخاص في تجاربهم.

 

طرق التحليل في البحث الكمي والنوعي:

تلعب طرق التحليل دوراً حاسماً في تحويل البيانات إلى نتائج ملموسة تفيد البحث العلمي. تختلف طرق التحليل تبعاً لنوع البيانات المستخدمة:

1-كيفية تحليل البيانات في البحث الكمي:

تحليل البيانات في البحث الكمي يتم باستخدام تقنيات رياضية وإحصائية. يهدف الباحثون في هذا النوع من الأبحاث إلى استخدام أدوات تحليل مثل المتوسطات والانحرافات المعيارية وتحليل الانحدار الإحصائي لاستخلاص نتائج موضوعية قابلة للتعميم. تعتمد دقة النتائج على حجم العينة، وكلما زاد حجم العينة كانت النتائج أكثر دقة وموثوقية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام أدوات مثل برامج التحليل الإحصائي (SPSS, R) لتحليل البيانات ومعالجة المعادلات الإحصائية المعقدة.

2-كيفية تحليل البيانات في البحث النوعي:

في البحث النوعي، تختلف طريقة التحليل بشكل كبير عن البحث الكمي. يتم التعامل مع البيانات النصية أو الوصفية بطريقة تفسيرية حيث يقوم الباحثون بتحليل النصوص والبيانات التي تم جمعها للوصول إلى الموضوعات أو الأنماط المتكررة. يمكن أن يشمل ذلك استخدام تحليل موضوعي أو تحليل سردي حيث يتم التعمق في البيانات لفهم السياقات الاجتماعية والثقافية. الأداة الأساسية المستخدمة هي “التشفير” (Coding)، حيث يتم تصنيف البيانات حسب الموضوعات الرئيسية أو الأنماط التي تتكرر في النصوص.

 

أهم استخدامات البحث الكمي:

يُستخدم البحث الكمي في مجموعة واسعة من المجالات العلمية والتطبيقية، حيث يهدف إلى تحليل البيانات العددية وتحديد الأنماط والعلاقات بين المتغيرات:

1-المجالات التي يفضل فيها استخدام البحث الكمي:

البحث الكمي شائع في مجالات العلوم الطبيعية مثل الفيزياء، الكيمياء، وعلم الأحياء، حيث تعتمد التجارب على القياس الكمي والتحليل الإحصائي. كذلك، يُستخدم البحث الكمي في الاقتصاد وعلم الاجتماع، حيث يُمكن قياس الاتجاهات العامة مثل معدلات البطالة، التضخم، أو النمو السكاني. البحث الكمي يقدم فوائد كبيرة في المجالات التي تتطلب تعميم النتائج أو تحليل العلاقات السببية بين المتغيرات.

2-أمثلة تطبيقية على استخدام البحث الكمي:

من الأمثلة البارزة على البحث الكمي هو استخدامه في قياس فعالية برنامج تعليمي معين. على سبيل المثال، يمكن إجراء دراسة تقارن نتائج اختبار مجموعة من الطلاب الذين خضعوا لبرنامج تعليمي جديد مع مجموعة أخرى لم تخضع له. باستخدام التحليل الإحصائي، يمكن للباحثين تقدير ما إذا كان البرنامج قد ساهم بالفعل في تحسين مستوى الأداء الأكاديمي.

 

أهم استخدامات البحث النوعي:

يُستخدم البحث النوعي في دراسة الظواهر التي تتطلب فهماً عميقاً للسياقات الاجتماعية أو الثقافية، حيث يتم جمع البيانات غير العددية لفهم تجارب الأفراد وسلوكياتهم:

1-المجالات التي يفضل فيها استخدام البحث النوعي:

يُستخدم البحث النوعي بشكل رئيسي في المجالات التي تتطلب فهمًا أعمق للسلوك البشري أو الثقافات، مثل علم النفس، علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا. يعد هذا النوع من البحث مهمًا لفهم الدوافع والعواطف والعمليات الاجتماعية التي يصعب قياسها كميًا. على سبيل المثال، قد يستخدم الباحثون البحث النوعي لدراسة تجارب المرضى في نظام الرعاية الصحية أو لفهم كيف يتفاعل الأفراد مع التكنولوجيا في حياتهم اليومية.

2-أمثلة تطبيقية على البحث النوعي:

مثال تطبيقي على البحث النوعي هو دراسة تجارب النازحين بسبب النزاعات المسلحة. من خلال المقابلات المفتوحة مع الأفراد المتأثرين، يمكن للباحثين فهم التجارب الشخصية التي مروا بها، والتحديات النفسية والاجتماعية التي واجهوها. البيانات الناتجة عن هذه الدراسات توفر صورة متعمقة عن تأثير الصراعات على الأفراد وتساعد في تقديم توصيات حول كيفية تحسين سياسات الإغاثة والمساعدات الإنسانية.

 

الفرق في الأهداف والغايات لكل من البحث الكمي والنوعي:

الفرق في الأهداف والغايات بين البحث الكمي والنوعي يتمثل في التركيز والمنهجية:

1-الهدف الرئيسي للبحث الكمي:

الهدف الرئيسي للبحث الكمي هو اختبار الفرضيات والنظريات وتقديم نتائج قابلة للقياس والتعميم. هذا النوع من الأبحاث يركز على التأكد من صحة النظريات من خلال البيانات الإحصائية. غالبًا ما يتم استخدام البحث الكمي لتحديد العلاقات السببية بين المتغيرات أو لقياس تأثير عامل معين على عامل آخر. على سبيل المثال، قد يسعى الباحثون الكميون إلى معرفة تأثير ساعات الدراسة على أداء الطلاب في الامتحانات.

2-الهدف الرئيسي للبحث النوعي:

البحث النوعي، من ناحية أخرى، يركز على الفهم العميق للظواهر من خلال منظور الأشخاص الذين يعيشون هذه الظواهر. يسعى البحث النوعي إلى استكشاف المعاني الشخصية والاجتماعية، بدلاً من اختبار فرضيات محددة. على سبيل المثال، قد يسعى الباحثون النوعيون إلى فهم كيفية تأثير الثقافة على كيفية إدراك الأفراد للهويات الجنسية أو الدينية.

 

الفرق في الفرضيات لكل من البحث الكمي والنوعي:

الفرق في الفرضيات بين البحث الكمي والنوعي يعكس طبيعة كل منهج وأهدافه:

1-الفرضيات في البحث الكمي:

في البحث الكمي، يعتمد الباحثون على فرضيات محددة يمكن اختبارها باستخدام البيانات العددية. الفرضية هي توقع أو تنبؤ مبني على نظرية علمية، ويهدف البحث إلى تأكيد أو نفي صحة هذا التوقع. يتم تصميم التجارب أو الاستطلاعات بناءً على هذه الفرضيات، ويتم تحليل النتائج باستخدام الإحصاءات لتحديد ما إذا كانت الفرضية صحيحة أم خاطئة.

2-الفرضيات في البحث النوعي:

في البحث النوعي، لا تكون هناك فرضيات محددة بالضرورة، بل يعتمد الباحث على استكشاف الظاهرة محل الدراسة. البحث النوعي يركز على استكشاف الموضوعات والنماذج دون الحاجة إلى فرضيات مسبقة. غالبًا ما يُستخدم هذا النوع من الأبحاث لفهم التجارب المعقدة أو السياقات الثقافية والاجتماعية. على سبيل المثال، قد يستخدم الباحثون النوعيون المقابلات المفتوحة لاكتشاف كيف يواجه الأفراد التمييز الاجتماعي دون الحاجة إلى فرض فرضيات مسبقة.

 

متى يجب استخدام كلًا من البحث الكمي أو البحث النوعي:

اختيار المنهج البحثي المناسب يعتبر من الخطوات الأساسية التي تحدد نجاح الدراسة وموثوقية النتائج، ويتنوع استخدام البحث الكمي والنوعي وفقاً لأهداف البحث وطبيعة الظاهرة المدروسة:

1-الحالات التي يجب فيها استخدام البحث الكمي:

البحث الكمي هو الخيار الأمثل عندما يسعى الباحث إلى الوصول إلى نتائج قابلة للتعميم، وعندما يكون الهدف هو تحليل العلاقات السببية أو التنبؤ بنتائج مستقبلية. يستخدم البحث الكمي عادةً في الحالات التي تتطلب دقة في القياس والبيانات الكبيرة، مثل دراسات السوق أو الأبحاث الطبية.

2-الحالات التي يجب فيها استخدام البحث النوعي:

البحث النوعي هو الأنسب عندما يكون الهدف هو الفهم المتعمق للتجارب البشرية أو السياقات الاجتماعية المعقدة. يُستخدم البحث النوعي عندما يكون الموضوع قيد الدراسة يتطلب تحليلًا شاملاً لتجارب الأفراد أو المجموعات، مثل دراسة أنماط الحياة أو فهم كيفية اتخاذ القرارات في بيئات معينة.

 

الجمع بين البحث الكمي والنوعي:

يمثل الجمع بين البحث الكمي والنوعي منهجًا متكاملاً يمكن أن يعزز من جودة البحث وعمق الفهم:

1-مزايا الجمع بين الأسلوبين:

يمكن أن يكون الجمع بين البحث الكمي والنوعي أداة قوية لتقديم رؤية متكاملة عن موضوع البحث. من خلال دمج الأسلوبين، يمكن للباحثين الحصول على نتائج شاملة تتضمن القياس الإحصائي العميق والفهم السياقي الكامل. يُعرف هذا النهج بـ “البحث المختلط”، حيث يتم جمع البيانات الكمية والنوعية في نفس الدراسة لتحقيق نتائج أكثر دقة وشمولية.

2-أمثلة على الجمع بين البحث الكمي والنوعي:

قد يقرر الباحثون، على سبيل المثال، دراسة تأثير التعليم الإلكتروني على الطلاب باستخدام نهج مختلط. في الجانب الكمي، يمكن جمع البيانات من خلال استبيانات تتعلق بأداء الطلاب في الامتحانات الإلكترونية. في الجانب النوعي، يمكن إجراء مقابلات مع الطلاب والمعلمين لفهم التحديات التي واجهوها أثناء التعلم عبر الإنترنت. هذه الدراسة المختلطة تتيح للباحثين تقديم صورة شاملة عن تأثير التعليم الإلكتروني.

 

الخاتمة

في الختام، يمثل الفرق بين البحث الكمي والنوعي جزءاً أساسياً من منهجيات البحث العلمي. يعتمد البحث الكمي على البيانات العددية والتحليل الإحصائي لاختبار الفرضيات وتحديد الأنماط، بينما يركز البحث النوعي على فهم الظواهر والسياقات الاجتماعية من خلال البيانات غير العددية. يُعتبر كل منهج له مزاياه واستخداماته المحددة، مما يجعل اختيار الأسلوب المناسب أمراً حيوياً لتحقيق أهداف البحث. كما أن الجمع بين النوعين يمكن أن يثري الدراسات ويعزز من مصداقية النتائج، مما يسهم في تقديم رؤى أكثر شمولية حول الظواهر المختلفة.

 

المراجع:

المحمودي، محمد سرحان علي. (2019). مناهج البحث العلمي. ط3. دار الكتب.

الجادري، عدنان وقنديلجي، عامر وبني هاني، عبد الرازق وأبو زينه، فريد. (2006). مناهج البحث العلمي الكتاب الاول أساسيات البحث العلمي.  مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.

عليان، ربحي مصطفى. (2008). البحث العلمي أسسه مناهجه وأساليبه إجراءاته. بيت الأفكار الدولية.

 

 

خدمات بحثية متكاملة لطلاب الدراسات العليا والباحثين

خدمات بحثية متكاملة لطلاب الدراسات العليا والباحثين

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعرف على خدماتنا
استشارات الإطار النظري والدراسات السابقة
icon
استشارات الإطار النظري والدراسات السابقة
استشارات خطة البحث العلمي
icon
استشارات خطة البحث العلمي
خدمة التحرير المكثف للبحوث العلمية
icon
خدمة التحرير المكثف للبحوث العلمية
النشر العلمي في المجلات المحكمة العربية
icon
النشر العلمي في المجلات المحكمة العربية
خدمة دعم النشر العلمي
icon
خدمة دعم النشر العلمي
السرقة العلمية وفحص نسبة الاستلال
icon
السرقة العلمية وفحص نسبة الاستلال
تحليل السلاسل الزمنية
icon
تحليل السلاسل الزمنية
إعادة الصياغة وتقليل نسب الاستلال
icon
إعادة الصياغة وتقليل نسب الاستلال
التحليل الإحصائي ببرنامج SAS
icon
التحليل الإحصائي ببرنامج SAS
التحليل الإحصائي ببرنامج SPSS
icon
التحليل الإحصائي ببرنامج SPSS
الإحصاء الوصفي
icon
الإحصاء الوصفي
الإحصاء الاستدلالي
icon
الإحصاء الاستدلالي
خدمة تنظيف البيانات
icon
خدمة تنظيف البيانات
النقد الأكاديمي
icon
النقد الأكاديمي
التدقيق اللغوي والاملائي ومراجعة علامات الترقيم
icon
التدقيق اللغوي والاملائي ومراجعة علامات الترقيم
احصل على استشارة مجانية من الخبراء
whatsapp