تشكل أخلاقيات النشر العلمي عنصر محوري في نظام الاتصال العلمي، وهذا ما جذب المؤسسات البحثية ودور النشر العلمية إلى الاهتمام بموضوع أخلاقيات النشر العلمي. وفي الحقيقة أن الحديث عن أخلاقيات النشر العلمي يعد فرع من الحديث عن أخلاقيات البحث العلمي بصفة عامة، فالنشاط العلمي لا يكون مستقيماً في حالة حدوث اختراق لما هو متعارف عليه من أخلاقيات راسخه، ولذلك يتطلب الأمر الدعوة إلى إرساء المبادئ الأخلاقية بشكل مستمر والدعوة بها بين أوساط الباحثين.
وللنشر العلمي ضوابط وأخلاقيات يجب علي كل باحث إتباعها والتقيد بها، من أجل الحفاظ علي مقوماته والمساهمة في جودته، لذا فعلي كل باحث دراسة تلك الضوابط والأخلاقيات والالتزام بها. ونظراً للأهمية التي يشكلها النشر العلمي، ولضرورة الحاجه للتعرف علي أخلاقيات النشر العلمي من كافة جوانبها، فقد تناولنا الحديث عن ذلك الموضوع من خلال تقسيم هذا المقال للنقاط التالية:
- ما المقصود بأخلاقيات النشر العلمي
- ما هي المبررات والأسباب التي تدعو للاهتمام بأخلاقيات النشر العلمي؟
- القضايا الأخلاقية للنشر العلمي.
ما المقصود بأخلاقيات النشر العلمي؟
- يقصد بها مجموعة من المبادئ والقواعد التي تصف السلوك السوي لكلٍ من المؤلفين والمحررين والمحكمين والناشرين والمؤسسات البحثية المختلفة.
- عدم الالتزام بهذه الأخلاقيات يشير إلى نوع من أنواع سوء السلوك العلمي.
- سوء السلوك العلمي يُقصد به أي خلل يحدث في مخرجات الأبحاث العلمية، سواء تمثّل ذلك الخلل في تلفيق البيانات وتزويرها ، أو الانتحال في الأفكار العلمية وإخراجها، أو تحكيم الأبحاث العلمية، أو حتى في كتابة تقارير نتائج هذه الأبحاث.
ما هي المبررات والأسباب التي تدعو للاهتمام بأخلاقيات النشر العلمي؟
كثرة الأخطاء التي قد يقع فيها الكثير من الطلاب والباحثين في مجال البحث والنشر العلمي، دعت الحاجة إلى تعزيز المعرفة بأخلاقيات البحث والنشر العلمي والاهتمام بها، ومن الأسباب والمبررات التي تدعو للاهتمام بأخلاقيات النشر العلمي، ما يلي:
- كثرة الممارسات غير السوية التي يرتكبها بعض المؤلفين في التخصصات المختلفة، كسرقة الأفكار العلمية وانتحالها، وتلفيق البيانات وتزويرها، وانتهاك حقوق التأليف والنشر.
- نشر العديد من الدراسات والأبحاث، وتنظيم فعاليات علي المستوى المحلي والإقليمي من أجل مناقشة بعض الممارسات المنافية لأخلاقيات النشر والوقوف عليها.
- إلزام بعض المؤسسات الأكاديمية والبحثية المؤلف المتقدم للترقية العلمية أو المتقدم بنشر مقالته بإحدى الدوريات المتخصصة، أن يحضر ما يفيد بأصالة مقاله أو بحثه العلمي.
- افتقار بعض الدوريات العلمية إلى التعليمات الإرشادية التي يجب أن يسترشد بها المؤلفين بحيث لا يقعوا في الممارسات المخالفة لأخلاقيات النشر.
- ظهور أنماط وأشكال جديدة من النشر العلمي أساءت للنشر، وافتقدت الكثير في نتائجها، وذلك نظراً لعدم التزامها بالحد الأدنى من أخلاقيات النشر العلمي.
- انتشار العديد من الظواهر السلبية في النشر العلمي، مثل السرقات العلمية، وانتشار الانتحال العلمي في البحوث المنشورة، وتدنى مستوى الالتزام بأخلاقيات التحكيم العلمي.
- لجوء الباحثين للنشر في مجلات مغمورة، تتقاضي مبالغ متفاوتة مقابل نشر الأبحاث فيها، مما يشكك في مصداقيتها ويجعلها أقرب إلى أن تكون مجلات وهمية.
- الانفجار الشديد في عدد المجلات العلمية في كل التخصصات، مستغلة إمكانات الإنترنت الهائلة من دون الحاجه إلى طبع إصدارات ورقية لكل عدد منشور.
القضايا الأخلاقية للنشر العلمي:
تدور القضايا الأخلاقية للنشر العلمي حول التواصل بأمانه وشفافية مع محرري المجلة والمراجعين والنظراء، حتي يتمكنوا من تقييم البحوث والأوراق العلمية المـُقدمة إليهم للنشر بشكل مناسب، ويتضمن النشر العلمي الأخلاقي أربعة قضايا مختلفة، تتمثل في:
- تجنب المنشورات الزائدة عن الحاجة.
- الصدق بشأن هوية المؤلفين.
- الكشف عن تضارب المصالح المحتملة وجميع مصادر التمويل.
- إخطار المجلة بأي أخطاء أو مشاكل يتم اكتشافها بعد النشر.
أولاً: تجنب المنشورات الزائدة عن الحاجة.
- النشر الزائد عن الحاجة يقصد به نشر نفس الورقة العلمية في مجلتين مختلفتين أو أكثر أو إعادة استخدام أجزاء كبيرة من بيانات هذه الورقة العلمية في منشور لاحق آخر.
- يعد النشر الزائد في كثير من الحالات انتهاكا لقوانين حقوق الطبع والنشر، وهذا السلوك كان يعتبر بالفعل سلوكاً غير أخلاقياً قبل عصر الإنترنت.
- النشر الزائد عن الحاجة يكشف عن كسل الباحثين والمؤلفين ورغبتهم الزائدة في للحصول علي أكبر عدد من القرّاء أو الحصول علي المزيد من التقدير مما يستحقه عملهم في الواقع.
- النشر الزائد هو شكل من أشكال سوء السلوك العلمي.
- يجوز للباحثين نشر ترجمات لأوراقهم العلمية إلى لغات أخرى. ولكن يجب أن تشير الترجمات دائماً بوضوح أنها مجرد ترجمات، وأن تستشهد بالورقة العلمية الأصلية.
- اذا كانت هناك حاجة إلى إعادة نشر أجزاء من ورقة علمية منشورة مسبقاً لسبب مشروع، فيجب ذكر المصدر الأصلي لها، ويجب إبلاغ محرر المجلة بإعادة الاستخدام في وقت التقديم لنشر الورقة مرة أخري في مكان آخر.
ثانياً: الصدق بشأن هوية المؤلفين.
إحدى المشاكل الأخلاقية الأكثر انتشاراً وخطورة في مرحلة النشر العلمي، هي تزوير قائمة المؤلفين والمساهمين المعترف بهم؛ ولتجنب هذه المشكلة تم وضع مجموعة من المعايير تسمى بـ ” معايير التأليف”. هذه المعايير يجب أن تتحقق في الشخص المساهم ف العمل البحثي حتى يكون له الحق الفعلي في المشاركة الفعلية كمؤلف في العمل البحثي المنشور.
وتنص معايير التأليف التي يجب أن تتحقق في الشخص لكى يندرج ضمن قائمة مؤلفي الورقة العلمية المقدمة للنشر علي ما يلي:
- المساهمة الكبيرة من قِبل الشخص في تصور أو تصميم العمل البحثي، أو مساهمته في الحصول علي البيانات الخاصة بالعمل أو تحريرها أو تفسيرها.
- المساهمة في صياغة العمل البحثي، أو مراجعته بشكل نقدى للمحتوى الفكري للبحث.
- الموافقة النهائية من طرف الشخص المشارك علي النسخة المراد نشرها.
- استعداد الشخص لتحمل مسئولية جميع جوانب العمل البحثي، لضمان التحقق في الأسئلة المتعلقة بشكل دقيق وحلها بشكل مناسب، أو لضمان سلامة أي جزء من العمل البحثي.
ومتى توفرت هذه المعايير الأربعة في الشخص المـُشارك في العمل البحثي، عندئذٍ يكون لهذا الشخص أحقية المشاركة كمؤلف في العمل البحثي، وكذلك الحال ينطبق علي كل المشاركين أيضاً، فإذا تحقق ذلك عندها تختفي مشكلة التشكيك في مصداقية المؤلفين.
ثالثاً: الكشف عن تضارب المصالح المحتملة وجميع مصادر التمويل.
- يجب علي كل مؤلف مشارك في العمل البحثي، الإبلاغ عن أي تضارب محتمل في المصالح لديه فيما يتعلق بمنشوره العلمي.
- وتضارب المصالح قد يشير إلى قضايا مالية، وقد يشير أيضاً لقضايا غير مالية ربما تؤثر علي ما كتبه المؤلف المشارك.
- معظم المجلات تتطلب الكشف عن تضارب المصالح المحتمل في وقت تقديم المخطوطة أو الورقة العلمية المرغوب نشرها من قِبل المؤلفين.
- وفي الوقت الحالي يوجد طريقة مُثلي للكشف بشكل صحيح عن جميع تضارب المصالح المحتمل، وهذه الطريقة هي ملء وتقديم “نموذجICMJL للإفصاح عن تضارب المصالح المحتمل”.
رابعاً: إخطار المجلة بأي أخطاء أو مشاكل يتم اكتشافها بعد النشر.
- إذا تم اكتشاف (أو حتى الاشتباه) في وجود أخطاء أو مشكلات أخري في الورقة العلمية بعد النشر، ففي هذه الحالة يكون علي المؤلف (أي صاحب المنشور العلمي) التزام علمي وأخلاقي بإبلاغ محرر المجلة عن تلك الأخطاء أو المشكلات التي اكتشفها، حتى يتمكن المحرر من تصحيح الأدبيات العلمية.
- بالاعتماد علي مدى الأخطاء المـُقدمة وسببها، ستقوم المجلة بنشر أحد أنواع إشعارات التصحيح المختلفة، أو تقوم باتخاذ أي خطوات أخرى قد تكون ضرورية لتصحيح الأدبيات المنشورة.
- الهدف من التصحيحات هو تحسين جودة المعرفة العلمية الحإلىة المتاحة لمجتمع البحث ومتخصصي الرعاية الصحية، وواضعي السياسات، ولعامة الناس أيضاً.
الدهشان، جمال. (د.ت). إعادة نشر البحوث العلمية بين محنة تقييم المجلات المصرية والمحلية، وأخلاقيات النشر العلمي. جامعة المنوفية.
زكى، قاسم. (2015). النشر العلمي صوائب ومصائب. منظمة المجتمع العلمي العربي.
كزيز، أمال. (2020). أخلاقيات ومعايير النشر العلمي في المجلات المحكمة. مجلة الباحث للعلوم الرياضية والاجتماعية.
اترك تعليقاً