ما المقصود بالسرقة العلمية وكيفية تجنبها؟ يقوم أي عمل بحثي علي مجموعه من المرتكزات، ومن أهم هذه المرتكزات الملكية الفكرية، فهي تهيئ المجال للمعنيين بهذه الأعمال للوقوف فيما تنتهي إليه هذه الدراسات والبحوث علي أنها ملكهم وليس من حق أي شخص أخذها إلا قانونياً.
وعلي الرغم من ذلك فقد برزت مؤخرا ظاهرة جديدة مخالفة لحقوق الملكية الفكرية ألا وهى ” ظاهرة السرقة العلمية “. فهناك كثير من الباحثين جاهلين لأصول ومقتضيات البحث العلمي الجاد وقواعده، كما أن ضعف القوانين وعدم ردعها للمتورطين فيها كان سبباً لحدوث هذه الظاهرة.
تعد السرقة العلمية حالة من حالات المساس بالحقوق المعنوية للمؤلف، فمن بين الحقوق المعنوية المقررة للمؤلف، حقه في احترام سلامته، وللمؤلف حق الاعتراض علي أي تعديل أو تشويه يوجه إليه، خاصةً إذا كان هذا التعديل يضر بمصلحته أو شرفه أو سمعته.
ما المقصود بالسرقة العلمية؟
- هي كل عمل يقوم به الطالب أو الباحث للانتحال وتزوير النتائج أو الغش في الأعمال والمنشورات العلمية.
- تمثل السرقة العلمية انتهاكاً لميثاق الأمانة العلمية، ولسمعة برامج البحث والجامعات وحتى الدول. كما أنها تعتبر انتهاكاً لحقوق الطباعة، فهي تحط من أعمال الآخرين وتعطي للسارق حق غير عادل في التفوق علي زملائه الذين يعتمدون علي أنفسهم في إنجاز أعمالهم البحثية.
- السرقة العلمية شكل من أشكال النقل غير القانوني، فهي تعني أن يقوم الطالب أو الباحث بأخذ عمل شخص آخر ويدعى أنه عمله. ولكن من المفترض أن يقتفي الطالب أثر المعلومات ويكون علي دراية حين يستخدم عمل شخص آخر.
- تعد السرقة العلمية نوع من الخداع وخيانة الأمانة، كونها تنطوي علي تقديم أعمال الآخرين بشكل مشوه وادعاء ملكيتها؛ فإتباع الفاعل لهذه الظاهرة يعد مخالفة لأصول ومبادئ البحث العلمي من منهجية وأمانة علمية وروح البحث بصفة خاصة.
ما هي الأسباب والدوافع وراء السرقة العلمية؟
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الباحث العلمي أو الطالب إلي اللجوء للسرقة العلمية، ومن هذه الأسباب ما يلي:
- غياب الوعي الأخلاقي.
- ضيق الوقت وصعوبة البحث.
- عدم الإلمام بالأساليب الصحيحة للبحث العلمي.
- السعي نحو الحصول علي الترقيات والدرجات العلمية الأعلى.
- غياب ثقافة العقاب وبروز ثقافة التسامح.
- العجز والتكاسل العلمي.
- إحساس الشخص المنتحل أنه لن يكشفه أحد بحكم موقعه ونفوذه.
أولاً: غياب الوعي الأخلاقي.
- تعتبر السرقة العلمية جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية.
- فالسرقة العلمية تتعارض مع علم الأخلاق، أي أن الطالب أو الباحث الذي يرتكب جريمة السرقة العلمية فهو شخص لا أخلاق له، لأن ببساطة الأخلاق تتنافي مع الجريمة.
ثانياً: ضيق الوقت وصعوبة البحث.
- فالضغط الذي يعشه الطالب أو الباحث لاستكمال بحثه مع ضيق الوقت هو ما يدفعه للسرقة الأدبية.
- كما أن التسهيلات التي يوفرها العصر الرقمي حاليا هي أيضاً من الأسباب المؤدية للسرقة الأدبية.
- وفي بعض الأحيان يواجه الباحث صعوبة في البحث عن موضوع دراسته، وهذا ما يدفعه للسطو علي أبحاث غيره ومجهوداتهم الفكرية لتجاوز تلك الصعوبات والإسراع في إنجاز وتقديم بحثه أو رسالته.
ثالثاً: عدم الإلمام بالأساليب الصحيحة للبحث العلمي.
- هناك العديد من الطلبة والباحثين لا يعرفون كيف يقدمون أبحاثهم وفقاً لأساسيات منهجية صحيحة وبناءً على قواعد الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية.
- فجهل الباحث أو الطالب بتلك الطرق والمناهج الصحيحة ينتج عنه وقوعه في فخ السرقة العلمية عن غير قصد.
رابعاً: السعي نحو الحصول علي الترقيات والدرجات العلمية الأعلى.
يسعي بعض الطلبة والباحثين وحتى الأساتذة إلى القيام بإنجاز بحوثهم العلمية مقالاتهم ليس بدافع حب التأليف وكتابة الأبحاث العلمية، وإنما لكسب المال والحصول علي الترقيات بالنسبة للأساتذة أو الحصول علي درجة علمية أو مستولى علمي أعلي بالنسبة للطلبة.
خامساً: غياب ثقافة العقاب وبروز ثقافة التسامح.
- أن التسامح مع مرتكبي هذه الجريمة في الجامعات هو أحد الأسباب الرئيسية للسرقة العلمية.
- في بعض الأحيان يكون هذا التسامح منظم، بمعنى أن يتمتع بعض المنتحلين بتوفير حماية قوية لهم من أي محاولات متابعة إدارية أو قانونية ، والمؤسف في الأمر أن من يوفر لهم تلك الحماية هم سلطات الجامعة وإدارتها.
- والتسامح المنظّم وسياسة اللا عقاب لا يستفيد منها الباحثين بالجامعات وأعضاء هيئة التدريس فقط، بل يستفيد منها أيضاً الطلبة في بعض الأحيان.
سادساً: العجز والتكاسل العلمي
فهناك العديد من الطلبة والباحثين ليس لديهم ملكة البحث العلمي، وهذا ما يدفع البعض منهم إلى التكاسل عن الكتابة ، ويشعر أن كتابة غيره أسهل وأسرع.
سابعاً: إحساس الشخص المنتحل أنه لن يكشفه أحد بحكم موقعه ونفوذه:
فالغرور وشعور الشخص بانه شخصية كبيرة ومعروفة أو لها وزنها بحكم الموقع الفكري أو النفوذ المادي يجعله يسرق وينتحل أفكار غيره ويتمادى في ذلك وهو تأكد بأن أمره لن يُكشف، ومع الأسف ينسي أن الله هو الرقيب.
هل هناك أنواع للسرقة العلمية؟
يوجد أنواع كثيرة ومختلفة للسرقة العلمية، ومن أكثر هذه الأنواع شيوعا ما يلي:
- النقل من الإنترنت
- أخذ المعلومات دون بيان المصادر
- السرقة العلمية باستعمال الكلمات
- السرقة العلمية للأسلوب
- السرقة العلمية باستخدام الاستعارة
- السرقة العلمية للأفكار
- السرقة عن طريق الترجمة
- سرقة عناوين الكتب المشهورة
كيف يمكن تجنب السرقة العلمية؟
بمكن تجنب ارتكاب جريمة السرقة الأدبية من خلال وضع مجموعه من الضوابط والآليات والإجراءات المكافحة لتلك الجريمة، ومن هذه الإجراءات ما يلي:
- إجراءات وقائية
- إجراءات عقابية
أولاً: الإجراءات الوقائية.
1- التحسين والتوعية بخطورة جريمة السرقة الأدبية:
- يجب توعية الطلاب والباحثين بمدى خطورة هذه الجريمة وذلك من خلال عمل دورات تدريبية لهم، ومن خلال إعداد أدلة إعلامية حول مناهج التوثيق العلمي بعد أيام الدراسة والندوات والملقبات العلمية.
- ويمكن توعية القائمين علي الأبحاث العلمية من طلاب وباحثين بطريقة أخري ، وذلك من خلال إدراج أخلاقيات البحث العلمي كمقياس يتم تعليمه للطلاب طوال فترة دراستهم في مؤسسات التعليم العالي.
- ومن هذه الإجراءات أيضا، عند قيام الباحث بتسجيل بحثه أو موضوع رسالته يجب عليه التوقيع بالتزام النزاهة العلمية، وفي حالة مخالفة الباحث لهذا الالتزام بتطبيق العقوبات المقررة قانوناً.
2- تفعيل دور مؤسسات التعليم العالي في مجال التأطير والرقابة:
- يجب تفعيل دور المجالس العلمية للمؤسسات الجامعية، لما لها من دور كبير في تسيير وضبط وتنظيم التأطير ، ونظراً لما تتمتع به هذه المجالس من صلاحيات واسعه في مجال الرقابة علي البحوث والرسائل العلمية.
- على مؤسسات التعليم العالي اتخاذ التدابير الرقابية الفعالية التي تحد من السرقة العلمية، كإعداد قاعدة بيانات رقمية تتضمن كل الأعمال المنجزة من قِبل الطلبة والباحثين علي مستوى الجامعة، والاستعانة ببرامج كشف الانتحال والسرقة العلمية.
ثانياً: الإجراءات العقابية.
يتم اللجوء للإجراءات العقابية عندما تكون الإجراءات الوقائية غير كافية للحد من جريمة السرقة الأدبية، ومن هذه الإجراءات العقابية ما يلي\
1- إنشاء مجلس آداب وأخلاقيات المهنة الجامعية علي مستوى كل مؤسسة جامعية:
- يتكون هذا المجلس من 10 أعضاء في مختلف التخصصات، يتم اختيارهم من بين الأساتذة الدائمين والناشطين علي مستوى الجامعة، لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
- مهمة هذا المجلس هي أن يقوم بمباشرة إجراءات النظر في الإخطار عن السرقات العلمية وتوقيع العقوبات علي مرتكبيها، كما يقوم بقديم حصيلة سنوية عن نشاطاته لمسئول المؤسسة الجامعية.
2- مباشرة إجراءات النظر في الأخطار عن السرقة العلمية:
- ذكرنا فيما سبق أن مجلس آداب وأخلاقيات المهنة الجامعية هو المسئول عن دراسة كل أخطار بشأن السرقة العلمية، وعمل التحقيقات اللازمة حول ذلك.
- وتختلف هذه الإجراءات بالنسبة للطالب عنه بالنسبة للأساتذة .
- بالنسبة للطالب الجامعي: يمكن لأي شخص أن يبلغ بوقوع سرقة علمية من قِبل طالب ما، من خلال تقديم تقرير كتابي مفصل ومسنود بكل الأدلة والوثائق حول السرقة العلمية المُرتكبة من قِبل الطالب وتقديم هذا التقرير لمسئول وحدة التعليم والبحث.
- يقوم هذا الأخير بإحالة التقرير لمجلس آداب وأخلاقيات المهنة الجامعية لدراسته، ومن ثم يجتمع أعضاء المجلس للفصل في هذه الوقائع المعروضة أمامهم.
- يقوم أحد أعضاء المجلس بتقديم تقرير نهائي عن المجلس بخصوص الواقعة، وبعد الاستماع إلى تقرير مجلس آداب وأخلاقيات المهنة الجامعية الذي أبت بالأدلة الوقائع المنسوبة للطالب ووقوع السرقة العلمية بالفعل ، فيتم تسجيل هذه الوقائع في محضر يحول لمجل تأديب وحدة التعليم والبحث للفصل في وقوع السرقة في الآجال المقررة قانوناً.
- أما بالنسبة لإجراءات النظر في الأخطار عن السرقة العلمية بالنسبة للأستاذ الجامعي فهي نفس الإجراءات المتعلقة بالطالب، ولكن يكمن الاختلاف في هذا الإجراء، وهو بعد صدور العقوبة التأديبية في حق الأستاذ وتبليغه بها وحفظها في ملفه الإداري، يكون للأستاذ الحق في الطعن في القرار الصادر ضده أمام لجنة الطعن المختصة، وفقا للشروط والآجال المنصوص عليها.
البارودى، رشاد.(2006). أخلاقيات البحث العلمي في العلوم الإنسانية. دار الخلدونية للنشر والتوزيع.
عبد القادر، سليماني وآخرون. (2020). السرقة العلمية في إنجاز مذكرات التخرج من وجهة نظر الأساتذة. جامعة الجيلالي بونعامة.
اترك تعليقاً